سلام عليكم ~
الحكايَة عَن شاعرَ جاهلِي مِن [ منطقَة الحِجاز ] اسمُه الحقيقيَّ : ثابِت بِن جابَر الفهِمي ولكَّنه لقبَّ بـ [ تأبَّط شراً ]
لأسبابٍ وحكايا كثيَرة أحَداها تقُول : سميّ تأبط شراً لأنه أخذ سيفاً وخرج، فقيل لأمه أين هو? قالت: لا أدري، تأبط شراً وخرج.
وقدَ قيل بِأنَّه مِن الشَّعراءَ الصَّعاليَك لكنَّ كثرَة حديَثه عن الغٌول والجانِ فِي شعرِه هُما السَّبب الرَّئيسي لشهرتهِ وَ
شهرَة حكايَاته إلِى جانبِ المُبالغَة فِي وصِف قوَّته الخارقَة فِي كُتب القَصص والتَّاريْخ .
مُلاحَظة قبَل القراءَة :
* لَم أدِخل على حوارات القصَّة الأصليَّة وأحداثها أيْ تعديْل,
إنّمَا صَغتُ الوصَف وَ الحكايَة بأسلوبِي وسأفرِد رابَط القصَّة الأصليَة فِي
نهايَة المُوضوع لـ الأمانَة
القصه :
كَانَت العاصِفةُ قَد اكَتسَحتْ سماءَ المَساء , وأحالَت سكُون اللَّيْل إلَى ضجيْج حيثُ تمايَلتِ الأشجارُ وَ تصَاعدَت ذرَّاتُ الغُبارِ وَ علَا هزيْزُ الرِّيحِ , مُصطدِماً بنوافذِ المنزِل الزَّجاجيةِ الواسِعَة , أغلَقت إيَمان كِتابَها وَ رفَعت رأسَها بوَجلٍ مُحدِّقةً باتَّجاه حديْقةِ المنِزل [ يالَهُ مِن جَوِ مُخيْف ]! وضَعت الكِتابَ الأبيَض علَى طاولةٍ جانبيَّةِ صغيْرَة , تجاوَزت أرائِكَ حُجرةِ الجلُوس الدَّافئةِ ذاِت الإضاءةِ الخافتَة , فرَدت وشَاحاً أخضَراً مُعلقَّاً قُربَ البابِ وَ نزَلتِ الدَّرجاتِ القليْلَة المؤديّةَ إلَى الخارِج ثُمَّ صاحَت : رامِي , سُوسَن , هِشَام أيَن أنُتم ؟! والتفَتَتْ حُولَها وِهيَ تمِضيْ ببُطءٍ نُحو الحديْقَة , هبَّتْ رياحٌ قويَّةٌ فأغمضَت عينيَها السَّوداويْنِ لُولا أنَّها فتحُتهما بصعوبةٍ بعَد أنَ لمَحت طيْفاً صغيْراً مضَى نحُوَها فعرَفت هُويَّتهُ مِن فُورها وصَاحَت : سُوسَن ؟! كانِت الفتاةُ الصَّغيرةُ تلهثُ بتعبٍ ما مَنعها مِن الحديْثِ لوهلةٍ وعنَدما أوشَكت على الكلامِ وصَل الصَّبيَان وصَاح أحدُهما فِي وجِه سوُسَن ليُخيَفها وأخذَ يُردِّد : وجدَّتكِ أيَّتها الجبانةِ الهارِبَة! ضرَبته سُوسَن بخفَّةٍ وركَضت نحُو شقيْقَتها الكُبرى ثُمَّ قالَت بتذَّمُر : إيَمان , انُظرِي إنَّ راِمي يُرغِمُنا علَى لعِب ألعابِ مُخيْفَة اعترضَ هِشام : ليْسَت مُخيَفَة إنَّها مُجرَّدُ لُعبَة صاحَ رامِيَ حيَن رأى تأييَد شقيْقِه : أنِت جبانةٌ فقَط! ربَتتْ إيَمان على رأسِ سُوسَن وردَّدَت : وماِ هِيَ تلَك اللَّعبَة ؟! ردَّدَت سُوسَن والخُوف بادٍ عليَها : رامِي يتظاهُر بأنَّه غٌولٌ متوَّحشَ , ويطلُب مِنَّا الهرَب مِنه, يقُول بأنَّه لَو أمسَك بأحدَنا فسيأكلُه ويحوَّلُه لغولٍ مِثله !. صاحَ رامِي : إنَّها مُجردَّ لعبَة فلا وجوَد للغيْلانِ ! ابتسَمت إيَمان وصاحَت بالجميْع بصرامَة : حسناً هذَا يكفِي ,ادخلُوا فالجوَّ عاصفٌ علَى أيَّةِ حال وسُنناقِشُ مسألَة الغيلانِ بالدَّاخِل !.
استَطاعَت إيَمان بعَد دقائِقَ معدُودةَ جمْع الأطفالِ فِي غرفةِ المعيْشةِ رُغم الملِل البادِ علَى وجُوهِهم فلا زالَ كلُّ مِنهم راغباً بالخروُجِ واللَّعبِ وإن كان هُناك عاصفةٌ فِي الخارِج !. جلَست إيَمان تتَّأملُ حالهُم مابيَن رامِي الّذِي لا يكفَّ عن التَّذمِر و الإفصَاح عَن رغبِته بالخرُوج وهِشَام الّذِي يتحرَّكُ فِي الأرجاءِ ويُشاكسُ سوسَن بيَن فنيةٍ وأخرى ! جلَست إيَمان فُوق الأريكَة الصَّغيرَة المُفضَّلةِ لديَها قبَل ذلِك كانت قَد وضَعت مشُروباتٍ دافئةً فِوقَ طاولةٍ واسعةٍ تتوسَّط الأرائِك , تحلَّق الأطفالُ وأخذَ كلُّ مِنهم مشرُوباً وحيَن رأوا جلُوس إيَمان الهادِئ فُوق الأريكةِ وَ احتساءَها لفُنجانِ قهوَتها البنيَّةِ التمَعت فِي أعيَنهم اللَّهَفة جلَس الثَّلاثةُ على الأريكةِ الواسعَة بجانبِها وردَّد هِشام : إنَّه وقَت الحكايَة ! أليَس كذلِك ؟! ضحَكت الفتاةُ وهِيَ تتلذَّذُ بهذِه اللَّحَظاتِ النَّادِرة لهدوءِ الأطفالِ وتلَمحُ الشَّوقَ والحمَاسَة فِي أعيُنهم الصَّغيَرة البريْئَة ثُمَّ ردَّدَت بصُوتها الهادِئ : أجَل فقَد قُلت لكُم بأنَّني سأناقُشكم فِي مسألةِ الغيْلان قبْل قليْل. تنبَّه رَامِي قائلاً : أجَل ولكِنّها ليْسَت حقيقيَّة ؟! , اعترَ هشَام : بالطَّبع إنَّها حقيْقيَّة. نفَت سوسَن بذُعر : ليَست كذلِك وقبل أن يبَدأ جدالٌ جديْد ردَّدَت إيَمان : إنَّها ليْسَت حقيقيَّة! لكِنَّ هذا لا يعنِي بأنَّها ليْسَت موجودَة ! واكتفَت بأن استأثَرت على اهتمامِهم وصمِتهم بتلَك العبارَة ثُمَّ أكملَت : أعنِي بأنَّ هُناك الكثير الكثيَر مِن الحكايَات المُمتعةِ عن الغيْلاَن , وليْست فقط حكاياتٍ أجنبيَّةً أو مِن بلدانٍ أخرَى إنَّ تاريَخ العرَب يحفلُ بالقَصصِ عَن هكَذا حكاياتٍ بَل وقَد صنَّفُوا الغيَلان إلَى أنواَع هُناك مَن هُو أحَمق , وهُناك مَن قال بأنّهم أذكيَاء وَ لديِهم مِن المكَرِ الكثيَر لكِنَّ هُناك شخصاً واحداً فقَط استَطاع قهَر تلَك الغيْلانِ وكانَت لهُ مغامرَاته معَها! وهُوَ مِن أرضِنا وبلادِنا هذِه . صاحَ رامِي : مَن ؟ مَن هُو ؟ ردَّدَت إيَمان : تَأبَّطَ شرَّاً ! تذَّمَر هِشَام : ماذَا ؟! ما هَذا ؟! ضحَكت إيَمان : إنَّه اسُم شاعِرنا البَطل الّذِي قاوَم وقَتل تلَك الغيْلان الشَّريَرة .
وبَدأت إيَمان بسَرِد حكايَتها هذِه حيَن نالَ الهدُوء والتَّرقُب مِن الأطفالِ الكثيَر :
تأَّبطَ شرَّاً كَان شاعراً مِن أرضِ الحَجاز تحديْداً مِن إحدى المِناطقِ المُحيَطةِ بالطَّائِف , عاشَ فِي عصَر الجاهليَّة وبَالَغ النَّاسُ فِي وصِف قوَّتهِ وجبرُوته فقَالُوا بأنَّه رجلٌ خارِق إنْ اتَّكأ علَى بعيْرٍ أسَقطَه , سرَعتِه جاوَزت الجيَاد , و مِمَّا قالَ البعَضُ عَنه بأنَّه هُو الغُول بعيَنه , لشدَّةِ قُبِحِه وسُوءِ مظَهرِه فقَد كانَت لهُ ضفيْرتانِ تشبِهان قرنِي الشَّيَطان , وعينيَن حمراوِين مُخيْفتيَن أمَّا أنفُه فيُشِبهُ رأسَ البعيْر !. وَ لكِنَّ ما يميَّزُه هُو شعرُه وَ حكايَاته الغريَبة عَن صراعاتهِ مَع الجَنِّ والغيْلاَن وكَانت حكايَتناُ هذِه واحدةً مِنها :
كَان شاعرُنا هذَا لِصَّاً يسرُق ليأتِيَ بقوِت يُومِه إلَى أمِّه , وللأسِفِ فإنَّ أمَّه هِيَ مِن تحضَّه علَى ذلِك , فمِن المعرُوف أنَّ أيَّام الجاهليَّةِ كانت أيَّامِ تخلِّفِ وانفلاتَ فلا رادِع ولا ديَن يقوِّم سلُوَك النَّاسِ فِي ذاك الوقَت إلَّا قلَّةٌ قليْلَة لذَا لَم يكُن لشاعرَنا بدّ مِن الانصياعِ لأوامِر والدِته فكان يأتِي لَها بكلِّ ما مِن شأنِه أن يفيَدهم ويكفِيهم ويسدَّ حاجَتهم , وممَّا سَاعدَه فِي ذلِك هُو حنَكته وخبرَته وقوَّته البدنيَّة فقَد كان فارساً قويَّاً خارَقاً رُغم كلِّ مساوئِه ! وذَات مرَّة وفِي إحدى الأيَّام نشَب بيَنه وبيَن والدِته شجَار فقَد ضاقَت والدِته ذرعاً مِن بقاءِه هكَذا دُون أن ينفَعها بشيء منذُ فترةٍ طويْلَة وتضِييعهِ لوقتِه بالجرِي واللَّعبِ وَ اللَّهِو هُنا وَ هُناك فصَرخَت بغضَب : أيها الولد العاقْ ، ها أنت ترى ما نحن فيه من شظف العيش ، و أنت لا هم لك إلا أن تسابق الغزلان ، لم لا تنطق أيها الخبيث ، فأجابها تأبَّط شراً بقولِه : وماذا تريدين أن أفعل ، بعد أن جئت لك بكبش سمين ، فإذا به ينقلب بين يديك الى ذئب مفترس ؟! وسرقت لك ما يزن حمل بعير من التمر ، فانقلب التمر حين رأى وجهك الى أفاع سامة! فماذا أفعل لك بعد ذلك يا امرأة ؟!، لكن والدَته واصَلت سيْل كلِماتها الغاضَبة : اسمع أيها الجَلْف , إن في فلاة رحى بطان– ورحَى بطان هذا تزُعم العربَ أنَّه مكانٌ لا يخلُو مِن الغيْلانِ والسَّعالِي - من أرض هذيل ، إبل ترعى ، فلو تربصت ببعضها ليلا! لكنَّه صَرخَ مٌقاطعا : أنتِ إذاً تريدين لابنك أن يسرق أموال الناس؟! ، فتجيبه ساخرة : ثكلتك أمك ، وهل لك صنعة أخرى غير السرقة التي ورثتها عن ابيك ؟!، فيجيبها : واللات ما أسموك أم الاشرار عبثا !! و بئس الأم أنت يا من تحرضين ولدك على فعل الشر !، فتقول له: لا تجادلني ، و أنت لا عمل لك سوى مجالسة السُّراق كأبي خراش والشنفري ,هيا اذهب يا تأبط الى رحى بطان ، وعد لأمك بلبن النياق.
وصَل شاعرُنا إلَى تلَك الأرضَ , كانتَ صحراءَ شاسعةً لم يُوجد بِها أحَد ولم يكُن قَد اقترَب بعَد مِن ساكِنيِها إذ نوَى أن يسَتِمع إلَى خُطَا الجِمالِ أولاَّ ليحدِّد مَكانها ويسرِق ما ينِوي سرِقته مِنها , ولأجِل ذلِك فقَد وضَع رأسِه على الأرِض يرِتقبُ صوَتها غيَر أنَّهُ سمِع ما لُم يكُن عليِه سمَاعه , سمِعَ خُطاً غريبَة تهزَّ الأرضَ مِن تحتِه حتَّى ليخيَّل إلِيه بأنَّها قريبةٌ جدَّاً مِنه ومِن شدَّةِ صدِمته أخَذ يُحدَّث نفسَه قائلاً : ما هذا؟! ما هذه الاقدام الثقيلة الوقع، كأنها جبل يسير، وصوت أقدامه يأتيني عبر الرمال، مع ما يفصل بيننا بمسافة تبلغ عشرات الفراسخ؟! أي مخلوق هذا الذي يسير بهذه القوة؟ فأتهُ الجَوابُ سريْعاً بيَن كُثبانٍ رمليَّةٍ عاصفةٍ متحرَّكَة أخفَت خلفَها صُوتاً رقيْقا جميْلاً أخَذ يهِتف : اقترب مني يا حبيبي! اقترب ! فبعد قليل ستصبح زوجي. دُهشَ تأبَّطَ شراً فكيف يأتِي صُوتٌ بهذا الجَمال وتلِك الرَّقة مِن وقِع خطُواتٍ ثقيْلةٍ كهذِه لكنِّ العاصَفة الرَّمليَة كانت قَد انقشَعت سريْعاً وسَط حديْثِ ذلِك الصَّوِت لتفصُح عمَّا لا يُتوقَّع , عَن مشَهدٍ لمَ يخُطر على بالِ أحَد ولَم يشَهدُ أحدٌ مثَل بشاعِته قبلاً , كانَ ذلِك غُولاً أو بالأحرَى غُولةً بشِعةً ضخَمَة الجثَّةِ ذاتِ لُونٍ أخضَر مُنفَّرِ وَ أنيابٍ بارزَةٍ حادَّةٍ احتواَها فمٌ بشع ضخَم لوجه دائرِّي قذرٍ زادَ مِن بشاعِته تلُكما العينيَن الجاحظَتيْن الصَّفراويَن , ورُغم ارِتبَاكِ الشَّاعرِ مِن هذَا المشَهد لذلِك المخلُوق القذِر قبيَح الشَّكلِ ذِي الأنفاسِ الكرِيهةِ فقَد صاَح فِي وِجهها ببسالَة : واللات إن ما سمعته عن خبث الغيلان لهو حقيقة واقعة , إنك تخدعين الرجال بهذا الصوت الوديع ! استَشاطَت الغُولة غضباً تحَّولت عينيَها إلى حمرةٍ وبرزَت أنيابُ أسنانِها أكثَر كما شدَّت قبَضتها وصَرخت بصُوتها الحقيقيَّ المدوِّي كالرَّعد وقَد زلْزلَ الأرضَ تحَت قدِمي تأبَّط شراً لشدَّةِ علوَّه وقوَّته : ما دمت قد عرفت حقيقتي ، فماذا جاء بك الى هنا يا تأبط ؟ وكيف سولت لك نفسك أن تعتدي على أرضي ؟ ارتبَك الشَّاعرُ وَ استَولى على قلبِه الخُوف فكذَب وليَته لم يفعَل حيَن قال : مَـ مرُرتُ مِن .. مِن هُنا مُصادفةً فقَط ! صاحَت الغُولة مِن جديْد : كَذبت ! بل قل إن أمك هي التي طلبت اليك أن تأتي إلى هنا لتسرق إبل قيس عيلان ، ولكنها دفعت ثمن تحريضها إياك على السرقة. وأخرَجت مِن جرَّةٍ عملاقةٍ فِي يدَها جثَّةً مُمزقَّةً رمَتها نحُو تأبَّطَ شراً وردَّدَت بابتِهاج : وهاهِيَ أمَّ الأشَرارِ أمامَك ! فصَاح الشَّاعرُ فزِعاً باكيَاً : ويحكِ قتلِت أميَّ أيَّتها الغٌولَة ! لكِنَّها هجَمت علِيه وهِيَ تزُمِجرُ بغضَب : وسَأمزِّقكَ بأنيَابِي يا تأبَّط !. فلَم يجُد ذلِك الشَّاعرُ البطُل حيَنها بدَّاً مِن استَدعاءِ قوَّتهِ الخارَقة والِّتي لا تظهُر إلَّا فِي هكَذا مواقِف وأمامَ هكذا عقبَات فلَم تكُن تلَك مرَّتهُ الأوَلى مَع هذا العالِم السَّحرِي مِن جنّ وغيْلاَن وَ مخُلوقاتٍ بشعةٍ سيَّئةِ الخلقَة ! فاستَّغلَّ ضحكَات الغُولةِ البشعةِ واستغراقَها فِي الضَّحكِ بعد أن ظنَّت أنَّ فِي وقوفِه خُوفاً ورعباً فقررَّت الاستِمتَاع بتعذيبه أكثَر , لكَّن لـ تأبَّط خُطَّةً أخرَى إذ استَّل سيْفَهُ فِي تلَك الأثناءِ وَ قفَز علِيها لتصَيح حيَنها وقَد انتبَهت إلِيه : ستكُون هذِه آخر ليْلةٍ مِن ليالِي حياتِكَ سأمَّزُقك إرباً إرباً أيَّها التَّأبطُ اللَّعيَن ! لكَّن انتباهها هذا جاءَ مُتأخراً إذ نال مِنها تأبَّط شرا وكسَّر أنيابَها واحدةً تلوَ الأخرَى وهُو يصرُخ بغضَب : بل أنا الذي سأسلخ جلدك النتن و أصنع منه أكبر خيمة في بلاد العرب ، لأذلّ بك قبيلة الغيلان أيتها الخبيثة. وهكَذا قَتل تأبَّط شراً الغُولَة وحمَلها كما قالَ و توَّعد عائِداً بها إلَى قبيَلته أخِذاً بثأرِ أمِّه مِنها ومُحرزاً انتصاراً جديْداً يُضافُ إَلى سلسلةِ انتصاراتهِ ومُغامرَاتهِ وأساطيَرِه ولُكوِنه شاعراً فلَم تسَلم تلَك الغُولة مِن حرُوفِه أيْضاً إذ حكَى عَن صراعِه مَعها فِي إحدى قصائِده قائلاً :
ألا مَنْ مُبلغٌ فتيانَ فهمٍ بِمَا لاَقَيْتُ عِنْدَ رَحَى بِطَانِ
بأني قد لقيتُ الغولَ تهوي بِشُهْبٍ كَالصَّحِيفَةِ صَحْصَحَانِ
فقلتُ لها: كلانا نضوُ أينٍ أَخُو سَفَرٍ فَخَلِّي لِي مَكَانِي
فَشَدَّتْ شَدَّةً نَحْوِي فَأَهْوَى لها كفِّي بمصقولٍ يماني
فأضرِبها بلا دهشٍ فخرَّت صَرِيعاً لِلْيَدَيْن وَلِلْجِرَانِ
فقالت عد فقلتُ لها رويداً مكانك إنّني ثبتُ الجنانِ
فَلَمْ أَنْفَكَّ مُتَّكِئاً عَلَيْها لأنظرَ مُصبحاً ماذا أتاني
إذا عينان في رأسٍ قبيحٍ كَرَأْسِ الْهِرِّ مَشْقُوقِ اللِّسَانِ
وَسَاقَا مُخْدَجٍ وَشَوَاةُ كَلْبٍ وثوبُ من عباءٍ أو شنانِ.
تأملَّت إيَمان الوجَوه مِن حوُلها وردَّدت : وهكَذا تنتِهي حكايَتُنا ! ولمَّا رأَت دهشَتهم وَ انسَجامُهم ثُمَّ توالِي أسَالِتهم وعباراتِ إعجابهِم بـ تأبَّط شرَاً
وَ مدى قوَّتهِ ابتسَمت برضَا فأجابَت باختصَار عَن بعضِ أسَألِتهم ثُمَّ قادَت كلَّا مِنهم إلَى سريرِه .
ختِاماً :
هُنا تجِدُون الحكايَة الأصليَّة
أرجُوا أن يكُون المُوضوع قَد نالَ إعجابكُم,
كما أتمنَّى مِن أعماقَ أعماقِي أنَّه لم يخرُج عَن إطار
المطلُوب فِي هذِه المرحلَة.
في حفظ الله ~